ذكرى ميلاد الإمام الرضا عليه السلام

(1)

لكل إنسان طريقته الخاصة في التعامل مع الأحداث المحيطة به باعتبار أنها مسألة فطرية عند كل كائن حي حال مثوله أمام الأحداث التي تأخذه من هنا وهناك، والتي تغيّر توجهاته في التعامل مع كل حدث يطرأ عليه، فلو كانت هناك خطة مسبقة في التعامل مع أحداث قادمة لكان حلها يختلف عما كان مخطط له، لأنه قد تطرأ بعض الأمور على سير بعض تلك الأحداث.

فمن خلال تغيّر الأحداث التي تطرأ على أي إنسان بلا شك نحتاج إلى قراءة أخرى غير التي تعهدنا أن نستخدمها أثناء قراءتنا لهذه القضية أو تلك، خصوصاً الأحداث التي لها علاقة بحياتنا العقدية والفكرية والسياسية، ذلك أنه من خلال القراءة المتمعنة والمتأنية لقراءة كل حدثٍ على حدة نخرج بنتيجة غير النتيجة التي نراها لو قرأنا كل الأحداث بقراءة واحدة، وأخصُّ بذلك أدوار ومنهج الأئمة عليهم السلام .. فهناك قراءة تجزيئية وقراءة كلّية ولكل قراءة أنصار ومؤيدون.

ومع أهمية كلا القراءتين علينا التركيز على القراءة التجزيئية – قراءة كل حدث على حدة – التي لها الأثر الإيجابي في قراءة الحدث، مع ضم القراءة الكلية لسيرة ومنهج الأئمة عليهم السلام بشكل عام، لأنه وكما نعرف بأن منهج الأئمة عليهم السلام له أشكال كثيرة ومضمون واحد.

فلو أتينا لقراءة حدث معيّن في سيرة أي إمام لرأينا أنه هو الصواب بعينه، مع وجود رفض للشيعة لبعض ما أقبل عليه هذا الإمام أو ذاك في معالجة بعض القضايا الحاصلة في حياتهم .. وذلك لعوامل عدة، منها:
1. تقصير بعض الشيعة في فهم أدوار الأئمة عليهم السلام:
ذلك أن مسألة فهم أدوار الأئمة عليهم السلام تستلزم إلى إمكانيات عقلية، وضمانات قلبية، وقرب من الأحداث كي تكون النظرة أقرب إلى الواقع، فكلما كان الإنسان أقرب إلى الإمام محاولاً تفهم أدواره كان إيمانه بما يقوم به الإمام أعمق بقدر ذلك الفهم.

2. انشغال بعض الشيعة بأمور الحياة:
وهذا الأمر لابد منه، لحاجة الناس إلى الحياة الكريمة والرغيدة، فصاحب التجارة منشغلٌ بتجارته، وصاحب الصناعة مشغول بصناعته، وصاحب الزراعة مشغول بزراعته، وهذا مما يكوّن عند بعضهم مفهوم أقل من المفهوم الذي يحمله ذلك الإنسان المصاحب للإمام عليه السلام، فقد يكون مؤمناً بكل ما يقوم به الإمام إلا أنه قد يكون قاصراً عن فهم بعض الأدوار.

3. التعامل مع بعض الأحداث من ناحية واحدة:
الأحداث لها عدة وجوه، خصوصاً إذا كانت مرتبطة بسلطان أو بشخصيات مناوئة، والإنسان الذي يحمل هماً في مسألة ما، تراه يعالجها من جميع الوجوه، ولا يقدم على أي أمر ما لم يتأكد من دراسة خطواته، حتى لا يقع في مصيدة المتربصين به، والأئمة عليهم السلام مع إيماننا القاطع بأنهم هم القيادة الكبرى للمسلمين، إلا أنه تتكون عند بعض أصحابهم الخُلّص نوع من الارتياب في بعض الأدوار التي يقوم بها الأئمة، وقد حصل ذلك لبعض صحابة الأئمة عليهم السلام، كالحسن في صلحه، والحسين في ثورته، والصادق في ابتعاده عن مطالبته بالحكم إبان سقوط دولة بني أمية وقيام دولة بني العباس، فقد حصل هؤلاء الأئمة عليهم السلام وغيرهم إلى معارضة من أصحابهم، أو بعبارة أخرى مناقشة حادة تجاه الأدوار التي قاموا بها، وعدم الرضوخ لمطالب أهواء أولئك الأشخاص.


يتبع ....

أخوكم
أبوأحمد النضالي